( قِف على ناصية الحُلم .. وقاتل )
كان على درويش أن يتنقل بين منبر واّخر .. هذا ما يستدعيه كـ شاعر أن يصعد على درجات ثُم يميل ميلة واحدة على الجُمهور .. وبين كُل فاصل يملىء فيه رِئتيه بالهواء تصفيق حار وتهليل كثير وصُراخ أكبر ..
وفي كُل الحاضرين وبين الجموع .. تستنطق المعنى الذي أراد أن يصل به درويش إلى أبعد تاريخ يُشاهد فيه وهو يُطلق كلماته بـ حُرية حذرة .. ولا يُخشى الحذر من الذي تسبقه يداه بالتصفيق قبل أن يمتزج عقله بما يُقال وإنما من الجالس صامتا هادئا مُستكينا .. يُقلب كلمات درويش كما يُبدل رِجليه عندما يضع واحدة على الأخرى لـ يزيد من تدفق الدم إلى دماغه ..
ولكن .. أي ناصية كان يتكلم عنها درويش .. وأي سبيل للقتال ؟!
اعيتنا الاحتفالات واحياء الذكريات يا درويش .. فما زلنا نعالج جراحنا بالطبول والمزامير .. وأصبحنا الشعب الذي يرتاد المسارح وخشبات الغناء أكثر من اعتناقنا للشوارع وتملكنا وتمكننا امام وجه الاعداء .. ورئيسنا يفاخر ب عشرة من صناديد الاحبال الصوتية الذين هزوا عرش ( اراب ايدول ) في مؤتمر ل حركة مقاومة قامت على نهج كفاح مسلح !
لقد فرحوا عندما حرك الهواء علم بلادي فوق أرض غير أرضه .. كأنه رفرف عندما رأى عربيا مر من حوله .. يستنجد به أن يزيله من هذا العلو الكاذب .. فلا تعلو راية فوق جهنم الا احرقت .. وهؤلاء الذين تفشت سراريهم عندما عزف النشيد في قاعة صوتت على دمار بلادي وهلاكها .. تجدهم يصفقون الان ل قرار مزعوم مفاده أن الاستيطان مشجوب ومستنكر وأن على المعتدي أن يتوقف .. وتناسوا أن المجلس بأجمعه مستوطن من الاعداء .. ولا صوت يعلو فوق صوتهم .. وأن هذه القرارات مجرد نفخ الهواء في الهواء ..
يا درويش .. علك أخطأت المنبر .. ف ساسة لا يتقنون من كلماتك الا تصفيقا رنانا لا جدوى منه .. وإني لأراك على ناصية مقبرة تعتلي صخرتها أمام المقابر .. تلقي السلام بطريقتك النثرية الشعرية .. وتسلم على الشهيد أولا .. يصمت الجمع ويستمعون .. وكلما احتدت الكلمات في ارواحهم تناثر الهواء فوق قبورهم وحرك وردة الصبار التي ارتوت من ماء تصبه امهاتهم على قبورهم كلما اهتزت قلوبهم بذكراهم ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق