الاثنين، 20 أبريل 2020

كورونا العصر





كنت دائم التفكير في ما تطرحه مواقع التواصل الاجتماعي - أو كما سُميت بذلك - على مختلف أنواعها وأسماؤها وأشكالها المتجددة عام بعد عام ، كُلها تتسابق في مضمار سريع جدا يكاد يتخطى سرعة الضوء في سرعة وصول ما يعرضه لأدمغة العامة ، فـ يُصيب بها من يُصيب ..
والمُتلقي للخبر انسان يختلف عن الاخر في ردة فعله وتقبله ، ومع هذه السرعة في النشر ، لا يمكنك مجاراة الأحداث وربطها بسهولة مع بعضها البعض ، سرعان ما يخرج علينا خبر في مكان و يُكّذب أو يُنفى في مكان أخر مع قابلية تأكيده أو مناقشته في أماكن أخرى ..
وأحيانا تراودني نفسي في سؤال حيرني دائما : ما هو عامل الجذب ؟! ما الذي يجذب العقل والنفس البشرية لكل هذا الصراعات الالكترونية ، لماذا تُلاحق كـ المدمن الذي يبحث عن ادمانه كما فتحت الولايات المتحدة في بنسلفانيا مستشفي لعلاج الادمان على الانترنت ..
أذكر أنني كُنت أجلس طويلا أمام شاشة جهاز الكمبيوتر الذي بلغت سماكة عرض الشاشة النصف متر وأنا أنتظر الاتصال بالانترنت ، والصوت الذي يرن الان في مخيلتك هو ما يذكرني به الان ، وعند تحميل أي ملف ، يلزمك دقائق إلى ساعات في ملف لم يتجاوز 4 ميغابايات !

فرض السيطرة على الدماغ البشري ، أسلوب طرحته أكثر المواقع والبرامج ، تسبق الفكرة وتلاحق كل ما نفكر فيه وتأتي به إلينا وفي أحيان كثيرة رُغما عنا ، لاتفارقنا ولا نفارقها أبدا ..

في صغري وفي أيام كُنت أجلس سويا مع أخوتي ، شاشة واحدة تجمعنا أمام قناة واحدة أو اثنتين على الأكثر بـ مُؤقت تربوي يفرضه والديّ علينا لا يُؤثر على قُصر النظر العمري المُحتم ولا يزيده ، كما أنه لا ينقص من وعينا الفكري ولا يُهلك أعمارنا وأجسادنا في الشيخوخة المُبكرة والأمراض المُزمنة ..

نجلس أمام شاشة تعرض مسلسلا كرتونيا ، يتحتم على أبطاله اصغار الانتقال من العالم الحقيقي إلى عالم افتراضي لانقاذ العالم من الفيروسات ، صّور المسلسل أبعاد الشبكة العنكبوتية بأن فيروسات تهاجمها ، وأن هذه الفيروسات تستطيع الانتقال إلى العالم الحقيقي الواقعي ، وتسبب أضرار كثيرة ، وكانت المهمة هي الدخول إلى شبكة الانترنت والقضاء على تلك الفيروسات !

لا أعلم لماذا أفكر دائما بذلك المسلسل ؟! يُخالجني شعور أحيانا ( بـ نكهة الفكاهة ) أن الابطال لم يستطيعوا التغلب على الفيروسات وأن هذه الفيروسات حقيقة وصلت إلى عالمنا وتفشت وأصبحت جائحة ، أصيب بها المليارات من البشر .. فيروسات تًصيب الدماغ وتُهلك العقل وتُردي الجسد صريعا بين أحضانها ..

هذا فيروس يُصيب كل الأعمار ، يجتاحك ، يدخل بيتك ، يصيب كُل من تحب ومن لا تحب ، يقلب تفكيرك ، يغلبك ويتجاوزك ويُغري نزواتك ، لا مَضاد ولا ترياق له  ، تحاول أن تتخلص منه فـ تجده قد أصاب أقرب الناس إليك ، في حياتك وسلوكيات من حولك وأخبار ونشرات وصُحف وعلى ألسنة العامة وبين أيديهم ، تجده متربعا ، وفي نهاية كُل استسلام له تُخدر قناعتك بـ أنه لا يمكن الاستغناء عنه !

في عصر يتحكم في هذا العالم عالم افتراضي يعيش الناس فيه تاركين عالمهم الواقعي خلف ظهورهم ، الواقعي الذي يعيش فيه والدك ووالدتك وأولادك وبناتك وأخوتك وأخواتك وزوجتك و أصدقاؤك وجميع أقاربك ، ينتظرون أن تُدير رأسك وعُنقك و ظهرك المُتصلب أمام عالم خيالي يخلو أكثره من الحقيقة ويبث مُخدرا في وريد دماغك يحوي مادة وهمية تجذبك باستمرار إلى ناحيته تاركا ورائك كل حقيقة وكل جميل .. وكُل الحياة !

الجمعة، 11 مايو 2018

كاتب متهم بـ قلمه

كتب يومها كاتب عربي يُرثي بلاده بـ كلمات واقعية لا تشوبها شائبة .. ولكي تكون ( حقوق الارواح محفوظة ) فقد اّثرت ألا أكتب جنسيته واسمه .. كُل عربي مُحتل ومسجون بحكومته .. مُدان حد الاجرام وليس بـ مُجرم .. إنما هو محض عربي لا أكثر أصابته لعنة الغرب التي روجت ما صنعت في بلادها ولم يتلقف صنيعها إلا أنظمتنا المُبجلة !

كُل كاتب عربي مُنتقد إذا ما أراد السعي وراء الكلمات ومُطاردة الفساد عليه أولاً أن يتخلى عن وطنه جسديا ويُغادر إلى بُقعة لا تصل إليها أيادي خفية وسيارات سوداء كبيرة .. تبقى روحه مُرتبطة بالواقع التعيس الذي تعيشه بلاده في ظِل التقلبات الحاصلة .. لطالما اعتقدت أن انتشار الكتابة يعني زيادة الوعي .. إنما يستوحي الكاتب كلماته وجُمله من كُتب قرأها واطلاع ومُتابعه مُستمرة للأحداث .. يُسهل عليه انتقاء الكلمات ويُصعب على المقصود بالنقد الرد على ما كُتب وطُرح ..


يكفي أن تكتب لتكون مُتهما على قوائم الارهاب الذين يزعزعون الامن القومي للبلاد .. هُنا في هذا العالم الذي أصبح مُغربلا من الثقافة الاوروبية .. لم يتبقى في الغربال سوى سوء المدفن ونتاءة الكفن .. وعلى ذِكر المدفن والكفن .. لن يُصلى على كاتب بـ فتوى من شيخ حاكم .. والتهمة مُيسرة .. مُفسد في الأرض ومُرتد عن الدين وسيموت ميتة جاهلية ونفي عن مقابر المسلمين !


الشخص الذي أقصده حُر طليق بكتاباته .. يأخذك إلى ساحات الملوك ومنابر الأئمة وكرسي المُفتي وصراخ رجل فقير وهُتاف مُظاهرات وصمت طفلة تحت الرُكام في ذات حرب وقصف .. إنه يُنسق الحروف ويُطرزها بيد عجوز تُحيك صوف لحفيدتها .. هو لم يبلغ نصف عُمر العجوز .. لكن تجاعيد الحياة طالته وطالت عقله حتى حركت قلمه .. في عالمنا العربي الدامي .. هكذا يُولد الكُتاب والمفكرون والمُؤرخون .. لا ينبغي للخيال أن يحضر .. هو مُتمثل على هيئته وعلى حقيقته وشاكلته ..


تُعلمك هوليوود في أفلامها مصدر الالهام .. أي فكرة أنتجت ( هاري بوتر بأجزائه السبعة ) .. تقلدت جوان رولينج الكاتبة الانجليزية هذا الشرف .. ساحر من خيال ساحرة العقول .. كان القلم عصاها .. تلك التعويذة الذي جعلتني أنتظر عشر سنوات دُون أن ألجأ لكتاب أو أشاهد جُزء واحد من الفيلم .. أردتها كُتلة واحدة وهكذا فعلت .. طالت الساسة والشعوب والحكومات والانظمة والتقريب والتشبيه كان عنوان تحت كُل جزء وقصة .. ما زالت رولينج تُحيك روايات أخرى .. 



نحن الذين رسمنا ناجي أربعون ألف صورة وصورة .. أرداه مجهول في شوارع لندن .. سالت دمائه على الأرض .. مات العلي واقفا ولم يركع حنظلة .. يُعدم الكاتب العربي دُون مُحاكمة بل أدلة ولا بُرهان .. وتُطوى صفحته دُون أن يُحاسب من قتله .. ينتهي زمانه بـ هاشتاج .. حتى النعي لن يجده !











الأحد، 4 يونيو 2017

أوطان مسروقة ببلاغة

في يوم ما .. وفي ساعة دوام .. دخل من الباب شاب حسن الثياب والوجه .. يرتدي نظارة شمسية وملابس أقرب للماركات العالمية .. كُنت قد وجدته خارجا يحوم ذهابا وايابا وكُلما اقترب من الباب عاد مرة أخرى .. قرر في فُجاءة أن يدخل ويُسلم وعين على الباب وعين أخرى تنظر إلي ..
قرر أن يشرح لي موقفه وما حصل معه .. ( مُوظف في شركة مقاولات وكان من المُفترض أن ينقل بِضاعة إلى مكان ما .. ولكن سيارته وهنت ووقفت مكانها دُون حراك .. ويحتاج مبلغا مُعينا لكي يصل إلى مُبتغاه ) ..
أخذ يُلحن الكلمات ويتملق الحس الانساني الموجود في داخل كُل منا .. ورُغم أن المُؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين إلا أنني لُدغت للمرة الثالثة .. مالت نفسي عندما انكب بالوعود والعهود بأن يُعيد المبلغ في اليوم الذي يليه مباشرة فطاعت نفسي وسلمته المبلغ ..

سياق السرد يُغني عن قول نتيجة ما حدث ولست من يأبه بالعُملات ولم تكن الرواية مناط الحسرة على ما ذهب من المبلغ .. الشاهد من القِصة أن هذا الشاب زرع في وسط تملقه عنوان أرضه بأن ذكر جنسيته ووطنه واستنصر بما أصاب بلاده من فاجعة ومُصيبة .. وذكر بيتا قد هُدم لهم وعائلة تشردت .. بالرغم أنني لم أجد رابطا بين حقيقة صِدق مطلبه وأرضه التي يحنو عليها لكي تطبطب على قلبي وتحضنه فيلين له ..
كُنت ملازما للصمت ولم أتسرع في الحُكم أبدا عليه .. يُقال ( الغائب حُجته معه ) ولم أعلم حقا ما قد يُصيبنا .. لعل حائل حال بينه وبيني .. لكني عندما علمت أنه دخل على مكاتب أخرى ويتنقل بينها حاملا معه ملفا من الكلمات الكثير بأكذوبة واحدة علمت أنه سارق ببلاغة !

لعل ما طالني طال الكثير من هذه الأفعال .. لكني لم أغضب إلا عندما حشر وطنه الجريح والقابع بين أنياب شرهة وسكاكين تقطعة إلى أجزاء وأحزاب وطوائف .. لعله لم يحترم وطنه عندما كان واحدا من خلايا الدم التي تجري في عروقه إلى أن لفظه خارج جسده .. 
هكذا هي أوطاننا كالمُحيطات تُنظف نفسها تلقائيا مهما كانت القُمامة المتراكمة فيها ومهما طالت الأزمنة إلى أن المُحيط لا يحتفظ في جوهره الا بالؤلؤ ..
مع أن نفسي صارعتني على عدم كتابة ما حدث خوفا من النفوس أن تحيد عن فعل المعروف إلا أن الحِيطة واجبة وجمال العمل الخيري في كماله .. 

الاثنين، 6 مارس 2017

فينيق الشهادة



قد يقتلونك .. تأتي من اّخر القتل أعصف
لأن جذرك أنمى .. لأن مجراك أريف
لأن موتك أحيا .. من عُمر مليون مُترف

هكذا قالها عبدالله البردوني ، وهكذا فعلها باسل الأعرج ..
أي حِكاية وأي أسطورة سـ تُذكر إذا ما ذُكر باسل .. وأي فينيق هو باسل الذي وُلد من رحم المُعاناة وهو الذي يُولد اليوم من رحم الشجاعة والاصرار والمُقاومة .. انها جهنم الأعداء التي فرضها باسل عليهم وهو يبحث عن جنة فردوسه حتى وجدها .. 


أتقبلنا يا باسل في بيتك الجديد !

الأربعاء، 8 فبراير 2017

كُـن انسان



لا شيء أكثر مشقة من أن تُؤمن إيمانا جازما وحقيقيا وقويا بأحدهم .. ثُم ينتهي المطاف بإيمانك في عرض الحائط .. وأنّ لا أحد يبقى على قدر إيمانك به ..
 هذا الإيمان الذي استقر في النفس رُغم أنه مُؤذي جداً .. والشعور الذي أصبح قاسياً جدا بأن يعود ذلك الإيمان ل يُثبت أنه ما زال قابعا في النفس في بداية ونهاية كُل ضائقة .. والتي أصبحت هذه الضائقة ليست مُجرد صُدفة عابرة .. بل انتهاك مُستمر ومتواصل للحُرمات والأوطان !
إننا نتعامل مع كُل ضائقة بذات المُعاملة وذات الطريقة .. وهي الخيبة الكبيرة .. إننا نحنوا عليهم ونُريد أن نُفهمهم أننا معهم للحد الذي لم يفعله أحد .. ثُم نكسرهم للحد الذي لم يجرؤ عليه أحد ..
ليتنا نلحظ هذا التخبط الذي هو ( بدون هدف ) .. ما الفائدة من تضامن فُوتغرافي يتبدل بنقرة اصبع إن لم نكن معهم في أكثر الليالي حُلكة .. إن لم نستطع أن نكون الضوء وهُم في ظلام الظُلم يرتعدون .. إن لم نُحاول أن نُشرع لهم أبواب الحياة .. وإن كان لا حيلة لنا إلا الدُعاء .. فليست المساحات البيضاء في هذه التكنولوجيا ب سجادة صلاة أو مقام دُعاء ..
 وكيف لحُروف نصية أن تُنهي كُل شيء حتى يُنسيهم كُل شيء .. وإن الموت لا يمتلك حِساباً اجتماعيا لكي يُخاطب به !

هذا العالم الافتراضي الذي انتقلنا للعيش فيه والذي تأسست قواعده بأيدي كُل من يقتلنا ويُهلكنا .. العالم الذي جعل من الواحد انساناً ( افتراضيا ) .. لا يُغير شيئا ولا يترك أثرا .. يُولد فيه المرء ويموت في واقع مهزوم بوعي مهزوم وخائف .. يُحاول أن يُخبرك ويُجبرك بكل الأساليب الملتوية أنك لن تستطيع العيش بطريقة طبيعية ما دُمت تحمل في داخلك ( إنساناً ) ..

هذا الإنسان ( الواقعي ) الذي أحافظ عليه حتى لو كان في هذا الزمان ( نُقطة ضعف ) ..
 لـ يُعيدني كُلما هربت .. ولطالما فعلت !

الأربعاء، 1 فبراير 2017

قبل أن تُعلق !



ليس من المُستعجب أن نكون نحن العرب أصحاب أول صوت يُعلق علـى قرارات تُتخذ بجدية في العالم الموازي من الكُرة الأرضية .. هذا زمن البوق والطبل .. ومن يُطبل بقوة سيجد من يزيد الصوت لحنا وترنيم .. وهذا صِراع الهاشتاقات والتويتر والفيس والسناب شات .. وهُناك في تلك التكنولوجيا تجد كُل مُبتغى ومُشتهى .. يُمكنك الشجب والاستنكار والتأييد والتحريض والتلميع والتسحيج وكما يُمكنك المُقاومة أيضا وكُل ذلك ما عدا الامتناع أو التوقف بعقلانية والنظر ببصيرة إلى الخبر والتأني دُون التسرع والانقضاض بجهل فاسق يُحيل مُجتمعا بأكمله إلى جهالة عمياء !

وهذا حال من لا يستطيع أن يُبدل حاله .. وحال من ارتضى بالذل والهوان والظُلم .. حال من يترك تاريخه وأمجاد أمته إلى رُفوف مُغبرة مُقفرة .. حتى الغُبار لا يُنفض عنها .. والشخص الذي تكلم في أقصى الغرب من الأرض ونطق بقوانين يرى هُو بمنظوره أنها ستخدم بلاده وستنعم بالأمن والطمأنينة وأن الجُدران لا زمان لها وهي تُبنى حِينما تُبنى وكيفما تُبنى حتى لو كان مكانها فاصلا بين أرضين لم يفصلهما التاريخ ولم يُفرق شعبيهما سوى كرفانة يحدها سيارتان لـ شرطة على طُول الحُدود المُمتدة بين الدولتين ..

لم أكن يوما ناقما على جُملة عربي اهترأت أصابعه مُقاومة على نقرات لوحة المفاتيح .. لم تكن فلسطين بأبعد من أن تكون مثالا جليا وهي الماضي والحاضر والمستقبل حتى كانت سُوريا وقبلها العراق وليبيا واليمن وغيرهم .. لم يتمخض من السيل الكبير القابع خلف الشاشات إلا غُثاء وزبد .. ولما كان كُل ما ذُكر ، ولأن الكلمة بالنسبة لهم أسرع من أدمغتهم ، فلم يجد سبيلا سُوى في الهاشتاج وصورة البروفايل وتلك الجُمل التي تحامل بها على تلك القرارات .. وتناسى أن في بلاده المُهترئة مساجين يقبعون في قبو المطارات وهُم أكثر ممن يُزجوا في سُجون المحاكم والتُهم !

إن شابا عربيا مُفعم بالحياة والعلم .. خرج من بلاد عربية كانت أُولى صرخات ساعاته وقت ولادته في احدى مراكزها الطبية .. واستقى علما وعُلوما من مراكزها التعليمية .. وأجبرته الماديات أن يخرج باحثا في سبيل العلم عن جامعة تُوازي مصاريفها الجامعية دخل قُوت والده ولو كان بالدَين .. وصل إلى بلاده التي شطرها الاحتلال إلى أنصاف وأرباع وقسمها كما تُقسم الكعكة .. يجد هُناك عِلما متواضعا وقيما لـ يتبدل حاله يوم أن كان معبر بلاده مُغلقا وعائقا عن تجديد تاريخ اقامة من تلك البلاد التي قدم منها .. والأنكى أن يكون العائق عربيا أيضا بُحجة راقصة لا تتقن الرقص بسبب اعوجاج الأرض من أسفلها ..


في مطارات الدُول العربية الشقيقة تُفتح الأبواب قاطبة أمام كُل شعر أصفر وعينين زرقاوتين .. وتزدهر الابتسامة في وجه مُستقبليهم .. ويُصبح الجاهل بلغتهم عالما حتى لو كتب الترحيب بلهجتهم على نحو عربي .. فلا تستغرب من يافطة يحملها شخص يرفع لوحة مكتوب فيها ( ويلكم إين ..... ) ، وكما قِيل من أحدهم : عندما سقط الاتحاد السوفياتي سارعت إيران لجذب علماء الطاقة الروس، بينما سارع العرب لاجتذاب الروسيات، فكانت النتيجة أن سلاح إيران صار نووياً وسلاح العرب منوياً ! 


قبل أن تستنكر قرارات من لا نرجو منهم رجاء ولا ننتظر منهم مُنتظر .. هُم في حالهم فـ هل نظرت في حالك أولا ؟!
كيف ترجو من الشيطان شفاعة تُدخلك الجنة .. وكيف ترجو الجنة وأنت لم تقتل شيطانك .. بل لم تتغلب على شيطان نفسك .. وكيف تُعاتب شيطان غيرك وشيطانك يتملكك .. وكيف تطلب من سجانك أن يُخرجك وأنت سجين ذاتك .. أي عتاب هذا هو الأقرب لـ ضرب الهواء بالهواء .. وأي حُجة ستحملها أمام محاكمهم وأنت مُذنب بذنبهم ؟!

لقد اُتهمنا حينما اتهمونا دُون النظر إلى الأدلة والبراهين .. واي مُسمى هو ( الاسلاموفوبيا ) وهُم الارهابوفوبيا بعينه .. 

من تُحاجج يا من تكتب ؟


الثلاثاء، 24 يناير 2017

وانقلب السحر على الساحر



خرجت كـ عادتي اليومية إلى العمل .. طريقي مُزدحم فـ أفتح الراديو على برنامج يُناقش الأمور المتعلقة بالحياة اليومية لـ شعب الأرض الذي رمتني الغُربة بين قُضبانه .. الحياة هُنا رتيبة بـ روتين ممل .. ولا تُقاس كلمة الملل بمجرد قِرائتها فـ هُنا تنعدم كُل أساليب المعيشة الطبيعية .. وتبقى سجين المنزل والعمل .. ولا طريق غيرهما ..

من أيام قليلة .. نُوقش موضوع في الراديو عن عملية احلال الشباب الذين ينتمون لـ هذه الدولة محل الاّخرين الذين أطلق عليهم مُسمى ( أجنبي ) .. فـ يكون التشبيه كأن يدخل عليك مُديرك وهو ممسك بيد أحدهم ويُردف قائلا : انهض ولملم مُتعلقاتك وجهز أوراقك لـ رميك خارج الشركة لأننا أحضرنا شابا جديدا لـ مُجرد كونه كذا ( أي أنه يمتلك الحق من خلال جنسيته ) .. كان الذين يتبادلون الحديث في الراديو يُناقشون الامر ببساطة تامة غير اّبهين بمستقبل الاّخرين ولا بأسرهم ..

مضت أيام قليلة وعلى نفس موجة الراديو في ذات البرنامج .. كان محور الموضوع يدور حول طرد بعض الشركات الكبيرة موظفين يعملون لديها على الرُغم أنهم من أهل تلك البُقعة وليسوا بـ وافدين إلى تلك البلاد !
لم تكن علامات الاستفهام تحوم حولي فقد كانت ولم تزل قناعاتي أن الشركات والمُؤسسات ومن يمتلكونها لا يبحثون إلا على المال .. ومن أين يأتي وكيفما يأتي فلا يهمهم طالما أنهم لا يخسرون .. وبـ معادلة بسيطة من دِماغ كّرس فِكره على تحاشي الخسارة فقد حسب حِسبته جيدا واتخذ قراره الذي لا تشوبه شائبة داعما كُل نتائجه بالأنظمة القائمة على اللوائح والقوانين غير مُتعد ولا مُتجاوز ..

المُحامي الذي استضافه ذاك المُذيع والذي يرد على استفسارات وتساؤلات المُتصلين أوجز في الرد بأسلوب مُقنع والذي لم تُرضي اجاباته الكثير .. المُحامي الذي درس قوانينا وأنظمة اعتقد الكثير أنهم في منأى عن زواياها و التي تُحتم عليهم أن يقرؤها أولا قبل أن يُفاوضوا بالراتب والبدالات .. خانتهم ثِقتهم الزائدة المدعومة بمسمى ( جنسية واستيطان بشري ) ..



الاعلان الذي باغت البرنامج وبطريقة غير مباشرة يحمل بين ثنايا كلماته ردا مُوجزا ..
( الان نُقدم لكم وجبة مجانية في حال طلبكم وجبة من ..... مع التوصيل المجاني أيضا .. وبذلك تكمن مشكلتكم الان فقط هي : من يفتح الباب لموظف التوصيل ؟! )

كورونا العصر

كنت دائم التفكير في ما تطرحه مواقع التواصل الاجتماعي - أو كما سُميت بذلك - على مختلف أنواعها وأسماؤها وأشكالها المتجددة عام بعد عام ،...