الجمعة، 15 يوليو 2016

أرجوحة الزمان


ما يقرع باب الذكريات إلا عابر وخاطر لا إرادي .. يُذكر بالزمان الذي ارتبط بذلك الخاطر بشكل عفوي غير مُنتظم .. أُدرك أن نسمة هواء تُذكرني بـ شُرفة منزل يُطل على شارع كان مُنذ الأزل سِكة حديد .. يحمل القطار أشكالا وألوانا من البشر ومن متاع هذه الحياة .. وما يُحيي النفس البشرية من علاج ودواء .. وما يُهلكها من سلاح ورصاص .. حتى باتت تِلك القُضبان بعد مّر الأزمان على جانب الشارع .. صدئة ومُتهالكة يلتهمها الصدأ ..

ورائحة من مُنقبة مُتبرجة بعطرها .. يغتال الأكسجين في الرئتين .. ويملىء مخزون الدماغ حد الاشباع .. حجزت لي تذكرة سريعة إلى باريس الحالمة .. أجول وأصول في مفاتن ورودها .. أنتقي الوريقة فالوريقة .. وأذهب بها إلى العطار .. وأراقب التسلسل المُعقد في طهيها .. خطوة بـ خطوة .. حتى إذا ما قربت من نهاية هلاكها .. فاحت رُوحها جميلة وعبقة على هيئة قطرة ..

وبائع انتفخ وداجه في حين غلظه .. قلبت سيارة بستطه في حين غرة .. وكلمة لـ كلمة أوصلتهم لـ حركة .. انفض الخلاف وانتهى النزاع .. أعادني ل ( بو عزيزي ) مُفجر الثورة .. أثارت نفسك على بستطك أم أن خدّك لم يتحمل سُخونة الصفعة .. فأشعلت النار في كُل جسدك لتتساوى الحُرقة .. وأصبح المثل من بعدك ( وراء كُل هلاك شعوب بأكملها امرأة ) !

 ووالد يركض في كُل زاوية مُتهكما مُتعرق .. لا يلحق أن يشهق حتى يزفر سريعا .. ما عاد حجابه الحاجز يُميز الحركتين .. يُنادي على طفله التائه .. وهو الذي تراءى له في ذلك الوقت أن ابنه سلك غيابات الجُب .. حتى رفع رأسه وكأنه يرمق النفس الأخير من وداع ابنه فتجلى أمامه .. احتضنه وقبّله وحمله وأخذ طريقه إلى البيت .. بخلاف الاّخر .. لم يكن طفله تائه في الدُنيا .. انتقل في لحظة إلى حياة أخرى .. لحظة غدر وطمع بشري طالت قلبه وروحه .. لم يُرهق ذلك الوالد صدره .. استيعابه للأكسجين كان ضئيلا حد الاختناق منه .. صامت المغشي عليه من الموت .. بعينين يسترق النظر إلى فلذة كبده .. يحتضنه ويُقبله ويحمله .. ويأخذ مسلكه إلى قبره ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كورونا العصر

كنت دائم التفكير في ما تطرحه مواقع التواصل الاجتماعي - أو كما سُميت بذلك - على مختلف أنواعها وأسماؤها وأشكالها المتجددة عام بعد عام ،...